محمد يوسف الكاندهلوي
اسم المصنف | محمد يوسف بن محمد إلياس بن محمد إسماعيل الكاندهلوي |
تاريخ الوفاة | 1384 |
ترجمة المصنف |
أسرته ومولده في غربي الولاية الشمالية الهندية أتربرديش قريتان هما جهنجهانه وكاندهله تسكن فيهما اسرة علمية ذات شرف ودين، وقد عاش جدُّ هذه الاسرة الشيخ محمد أشرف في عهد الامبراطور الهندي القديم شاهجهان واتفق علماء عصره على ديانته وتفقهه وورعه واتِباعه للسُنّه . وقد انجبت هذه الاسرة كثيرا من كبار العلماء والفقهاء والشيوخ منهم الشيخ المفتي إلهي بخش الكاندهلوي وكان من نجباء تلاميذ المحدث الشيخ عبدالعزيز بن ولي الله الدهلوي وقد ألف اكثر من ستين كتاباً بالعربيه والفارسيه والأردوية.ومنهم الشيخ ابوالحسن، والشيخ مظفر حسين، والشيخ نور الحسن، والشيخ اسماعيل، ونجله الشيخ محمد إلياس وكانوا من كبار العلماء في عصرهم. ولادته ولد الشيخ محمد يوسف بن الشيخ محمد إسماعيل من هذه الأسرة النجيبة في كاندهله سنة1335هجرية 1917ميلادية وسماه والده محمد يوسف وكان الشيخ محمد الياس رحمه الله حينئذ مدرسا بالجامعة مظاهر علوم بسهانفور-الهند. نشأته أدرك الشيخ محمد يوسف كبار الشيوخ والعلماء وقد شاهد منذ نعومة اظفاره اسرة عامرة بالعلم والورع فترعرع في المحيط العلمي وفي أحضان الامهات الصالحات وبين تربية الشيوخ وعناية العلماء الاجلاء والصلحاء. دراسته لقد حفظ القرآن الكريم وهو ابن عشر سنين، ثم تلقّى الدراسة الابتدائية والحديث الشريف من الصحاح السته وغيرها من والده الداعية العلامة محمد إلياس أولاً ثم درسها ثانيا في المدرسة مظاهر علوم على كبار شيوخ الحديث، كالشيخ عبداللطيف مدير المدرسة، والشيخ منظور احمد خان السهانفوري، والشيخ عبدالرحمن الكامل، والشيخ محمد زكريا ابن عمه الكبير الذي اشرف على تعليمه وتربيته حتى تخرجه من مدرسة الحديث1354هجرية . اشتغاله بالعلم كان الشيخ محمد يوسف مولعاً بالعلم فكان يقضي اكثر اوقاته في دراسة الكتب وتاقت نفسه الى التأليف فبدأ بتأليف وشرح مستفيض على شرح معاني الآثار للطحاوي وسماه أماني الأحبار واستمر في هذا العمل الى آخر أيام عمره. تفويض أمور الدعوة اليه لقد فوّض الشيخ محمد الياس رحمة الله عليه الى ابنه حمل أمانة الدعوة واوصاه برعايتها وحفظها وكان الشيخ قد شاور كبار العلماء والمشايخ واهل الحديث وقد أشاروا بذلك لما رأوا فيه من التقوى والصلاح والقوة لأداء هذه الامانه ثم لبىوالده نداء ربه 1363هجريه 1944ميلادية. عمل الدعوة والتبليغ فوجئ الشيخ محمد يوسف بتحول كبير في حياته فقد نشأ فيه من باعث الدعوة ما جعله لا يهدأ له بال ولا يقرله قرار، رغم اشاغاله بالتعليم والتأليف، فاشتغل بتوجه تام وتحولت حياته الى شغل الدعوة حتى اخذت عليه كل لحظات حياته وواجه كل عنت وارهاق في القاء الخطب والرحلات الدعوية وتنظيم الاجتماعات في مدن الهند وباكستان وتوجيه الجماعات للدعوة الى خارج دلهي، فلم يكن يستريح في الليل ولا في النهار وكان همه ات يهتدي التاس وينغمسوا في رحمة الله تعالى،وكان متواصل الاحزان دائم الفكرة في ايصال الخلق الى الحق كل حين وآن. الرحلات الدعوية انه في خلال حياته الدعوية التي تمتد زهاء عشرين سنه قام برحلات واسعة فسافر الى باكستان الغربية والشرقية وكان الشيخ محمد يوسف يرى ان العرب هم اهل هذه الدعوة العظيمة في الحقيقة قبل سائر الناس،لأتهم قوم اختارهم الله تعالى قبل غيرهم، وفي دمائهم وعروقهم سرت دماء الصحابة الذين بذلوا مهجهم ونفوسهم للدين والدعوة اليه،ولذا كان حريصا ان يرى عمل الدعوة والتبليغ في مهد الاسلام وبلاد العرب، ولذلك بدأ العمل في ميناء كراتشي وبمباي حيث قامت جماعات الدعوة تغرس فكرتها في الحجيج الذين يزورون مكة والمدينه، فاذا تشّربوا فكرة الدعوة والتبليغ يتمكنون من اداء الدعوة الى الله ويصبحون خير اداة لنشرها بينهم. ووصل الى الحجاز فزار مقرهم وبعث العلماء فيهم واقيمت حلقات التعليم في الحرمين الشريفين، وارسل الجماعات الى الاقطار العربية والاقطار الافريقية كمصر والسودان والعراق والاردن والشام، كما استمر الشيخ محمد يوسف بارسال الجماعات الى مختلف انحاء آسيا وافريقيا وأوروبا وقد كان لبياناته الأثر الكبير في زيادة القوة الايمانية التي دعتهم الى تحمل المشقات والنفقات الكثيرة فى سبيل الله تعالى. ولقد تشرف الشيخ محمد يوسف بالحج ثلاث مرات وقد تمكن من هذه الرحلات من عقد الاجتماعات في الحجاز والتجوال في القرى والمدن واللقاء مع جم غفير من الناس، وقد تمتع بعمرتين سوى الحج واعتمرت معه جماعات كثيرة من الاقطار العربية. خّلقُه وحُلُقه وقد كان الشيخ محمد يوسف رحمه الله متوسط القامه وضيئ الوجه ضخم الجثة اسود اللحية كثير الشعر منبسط الوجه في عينيه بريق وجاذبية واذا رأيته أول مرة حسبته مستغرقا في الفكر الطويل وأخذتك مهابه عظيمة منه ولكن سرعان ما تزول الهيبة ويحل محلها الائتلاف والأنس وكل جليس يعتقد أنه أقرب لديه من الآخرين، كان لا ينطق الا بأمور الدين ولا يسمع سوى كلام الدين ، كان صافي الذهن مملوء الصدر باليقين والإخلاص، كان واسع المعرفة وخاصة فيما يتعلق بالعهد النبوي وعهد الصحابة كان دائم الابتسامة لكن قلبه يحترق هماً وبعد قليل يتنفس الصعداء. خصائصه ومميزاته لقد اكرم الله سبحانه وتعالى الشيخ محمد يوسف بخصائص ثمينه جمة علا فيها كعبه فان قوة ايمانه وتوكله على الله وهمته العاليه وشجاعنه وصلانه الخاشعة ودعاءه الخاص واطلاعه الواسع على حياة الصحابه الكرام وقوة جمعه من التأليف والدعوة وتواضعه ثم شدة اعجاب الناس به الذين قضوا معه أو سعدوا برفقته في سفر، انه عندما يلقي كلمته حول صفات الله وذاته باسلوبه الخطابي الأخّاذ يحول مستمعيه لمدة من الزمان من عالم المادة الى عالم يقوم على الايمان بالغيب وحده، وعندما كان يوجه الدعوة إلى الناس ويدعوهم الى الله يبهرهم بانهماكه الشديد في دعوته، ولذلك كانت تتغير حياتهم من اول يوم حتى في الشكل والأخلاق والمعاش وطريقة التفكير والكلام. اما أحاديثه في الأوساط الاجتماعية فكان لها تأثير عجيب في النفوس وقد حالفه التوفيق في إرسال الجماعات إلى أقطار جديدة وبلاد بعيدة وأصبح العالم كله كوطنه الأصلي. مؤلفاته لقد كان له دور كبير في تأليف الكتب على الرغم من جميع الأعمال التي كان له فيها سهم كبير - ومن الجدير بالذكر في مؤلفاته كتابان: أحدهما أماني الابحار الذي كان يحتوي على أربع مجلدات ضخمة وقد بدأ في تأليفه مع بداية دراسة شرح معاني الآثار1354هجرية وقد طبعت منه اربعة اجزاء، وقد احتوت على شرح حوالي ربع الكتاب، ووصل فيه الى شرح باب الركعتين بعد العصر، وهذا الكتاب دليل على سعة اطلاعه على الحديث والآثار ومعرفة رجاله وعلى آثار الصحابة وآرائهم. وثانيهما حياة الصحابة وفيه شهادة كافية على تبحره في السيرة النبوية واحوال الصحابه، ولاشك أنه ذخيرة علمية نادرة ومرآة لحياة الصحابة الدعوية وسلوكهم وأخلاقهم، إن لهذا الكتاب تأثيراً أيّ تأثير وفاته لقد قام الشيخ محمد يوسف برحلة طويلة الى باكستان بعد رجوعة من الحج بعام بدأها في شوال سنة1384 هجرية وانتهت بوفاته رحمة الله عليه يوم الجمعة 29ذي القعدةفي العام نفسه المصادف 2ابريل سنة1965ميلادية، وقد زار الشيخ محمد يوسف جميع المدن الكبرى في باكستان الشرقية - هي دولة بنجلاديش الآن وقد عقد فيها اجتماعات كبرى لا نظير لها في التاريخ القريب من كثرة الوافدين عليها والحاضرين فيها ما اتعب قلبه واوهن جسده وما أثر على صوته المدوي المجلجل، واورث السعال والحمى لكنه لم يبال بشيئ، واستمر في اداء واجبه واخيرا ألقى كلمة بلاهور قبل رجوعه الى الهند وافته المنية - فانا لله وانا اليه راجعون. وكان رحمه الله يردد قبل وفاته هذه الكلمات: لا اله الا الله، الحمد لله الذي أنجز وعده، لا اله الا الله محمد رسول الله، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الاحزاب وحده، لا شيئ قبله ولا شيئ بعده،لا شيئ قبله ولا شيئ بعده. وحينما احتضر كان يردد التهليل والادعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تعلو البسمة على وجهه بعد ما توفي. وساد الحزن على جميع الناس وطار الخبر الى البلدان وكان لنعيه في الاقطار الاسلامية حزن عميق في النفس، واجتمعت جماعات كثيرة من الناس الى جنازته وصلوا عليه في لاهور ثم حمل جثمانه ليلا الى دهلي بالطائرة، وقد صلى عليه عدد كبير وجم غفير لا يأتيعليه العد والحصر وقد أم بالناس فضيلة الشيخ المحدث محمد زكريا - نور الله مرقده - ودفن بجوار والده الشيخ محمد الياس في حارة حضرة نظام الدين بدهلي. أهله وأولاده لقد خلّف الشيخ محمد يوسف ولدا نجيبا اسمه الشيخ محمد هارون كان يسير على طريقة والده ويتأسى به، وقد توفى حال شبابه عن 35سنة سنة 1393هجرية. وخلّف زوجته ووالدته التي توفيت بعد وفاته بخمسة أشهر وكانت رحمها الله لا نظير لها في زمانها في الورع والتقوى. |
كتب المصنف بالموقع |