عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي، أديب ولغوي وناقد وصاحب الكتاب الشهير يتيمة الدهر. وُلِد في نيسابور. وهو غير الثعالبي أبو زيد عبد الرحمن. كان فرّاءً يخيط جلود الثعالب فنُسب إلى صناعته، ثم انتقل من حياكة الفراء إلى دراسة اللغة والأدب والتاريخ فنبغ واشتهر. قال الباخرزي عنه: هو جاحظ نيسابور، وأجمع من ترجموا له على أنه كان نابغة عصره في الأدب نظمًا ونثرًا، وكان قبلة أنظار المؤلفين بعده، فاحتذى حذوه وسار على نهجه جماعة في شرق العالم الإسلامي وغربه. وهو من الذين أسهموا في ازدهار نهضة القرن الرابع الهجري أدبيًا، حيث قدم للعربية عددًا كبيرًا من المؤلفات والمصنفات التي تنوعت لتشمل أغراضًا مختلفة في الآداب، واللغة والفكر. وقد خشي الثعالبي من أن يكون للشعراء السابقين على عصره فضل في الأدب والشعر وفنونه ولا يكون لشعراء عصره من يتصدَّى لمثل ذلك، فندب نفسه لهذا، وظهرت براعته في كتابه يتيمة الدهر، وغايته من هذا الكتاب خدمة اللغة العربية عن طريق الشعر الذي يرى فيه فضلاً وعلمًا. ولم يقتصر الثعالبي فيه على ترجمة خالصة للشعراء والاستشهاد بالنصوص الشعرية، بل نراه يورد آراء نقدية قيمّة وتعليلات أدبية ممتعة تنم عن ذوق أدبي رفيع، كما يعمد في كثير من الأحيان إلى المقارنة والموازنة بين من يترجم له وبين غيره من الشعراء في الفن الشعري، ويكشف ببراعة عن مدى تأثر الشاعر بغيره من السابقين والمعاصرين. ومن أهم الآثار التي خلّفها الثعالبي بعد كتابه يتيمة الدهر: العقد النفيس في نزهة الجليس؛ فقه اللغة وسر العربية، وغيرها.
نقلا عن الموسوعة العربية العالمية http://www.mawsoah.net